الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
كيف تطلب العلم
23471 مشاهدة
منظومات وقصائد

5- يحتاج الطالب إلى ما يثير حماسه، ويقوي عزيمته على الطلب فهل هناك منظومات توصون بقراءتها وحفظها في هذا الباب؟

قد أكثر العلماء من النظم والنثر في الحث على العلم وذكر آدابه، وأخلاق العلماء، والنصائح والمواعظ، لمن حمل العلم، ومن أحسن ما رأيت قصيدة رجزية ذكرها ابن عبد البر في كتابه (جامع بيان العلم وفضله) في باب مدح التواضع، وذم العجب، وطلب الرياسة، وأولها قول الناظم -رحمه الله تعالى-
واعلـم بأن العلــم بـالتعلـم والحــفظ والإتقــان والتفهــم
والعلـم قـد يـرزقـه الصغـير فــي ســنه ويحــرم الكبــير
وإنمــا المــرء بأصغريــه ليس برجليــــه ولا يديــــه
لســانه وقلبـــه المـــركب فـي صــدره وذاك خـلق أعجـب
والعلــم بــالفـهم وبالمـذاكرة والـدرس والفكــرة والمنــاظرة
فـالتمس العلـم وأجمل في الطلب والـعلــم لا يحســن إلا بـالأدب
والأدب النــافح حسـن الصمـت وفـي كثـير القـول بعض المقت
فكـن لحسـن السـمت مـا حييتا مقـارنـا تحـمد مـــا بقيتـا
والصمــت فـاعلم بـك حقا أزين إن لم يكن عنــدك علـم متقـن
إيــاك والعجـب بفضـل رأيكـا واحــذر جواب القـول من خطائكا
كـم مـن جـواب أعقـب الندامة فـاغتنم الصمت مــع السـلامة
العلــم بحـــر منتهـاه يبعـد ليس لـه حــد إليـه يقصــد
وليس كــل العلـم قـد حويتـه أجــل ولا العشــر ولـو أحصيته
ومــا بقـي عليـك منـه أكـثر ممــا علمــت والجــواد يعـثر
فكـن لمــا سـمعته مسـتفهما إن أنت لـم تفهم منـه الكلمــا
القــول قــولان: فقـول تعقلـه وآخــر تســمعه فتجهلـــه
وكـل قــول فلــه جــواب يجمعـــه البــاطل والصــواب
لا تــدفع القــول ولا تـــرده حــتى يـؤديك إلـى مــا بعـده
فـربمــا أعيــا ذوي الفضـائل جــواب مـا يلقـى مـن المسائل
فيمسـكوا بالصمت عن جوابـه عنـد اعـتراض الشـك في صوابه
ولــو يكـون القـول في القياس مـن فضـة بيضـاء عنـد النـاس
إذًا لكـان الصمت عين من ذهب فـافهم هــداك الله آداب الطلــب


وهي خمسة وثلاثون بيتا في فضل العلم الصحيح وآداب الطلب، وهكذا من أحسن القصائد قصيدة طويلة على قافية الميم، للشيخ حافظ بن أحمد الحكمي -رحمه الله- وهي مطبوعة عدة طبعات، وأولها:
الحـمد للـه رب العالمين على آلائه, وهو أهل الحمد والنعم

وعنوانها (المنظومة الميمية في الوصايا والآداب العلمية)، وأبياتها تقرب من المائتين، وهناك قصائد مختصرة يوجد كثير منها في كتاب (جامع بيان العلم وفضله) لابن عبد البر وفي غيره من الكتب.